المحتوى القانوني للمتاجر الإلكترونية وحقوق المستهلك: السعودية نموذجا

لمحتوى القانوني للمتاجر الإلكترونية وحقوق المستهلك: السعودية نموذجا

المحتوى القانوني للمتاجر الإلكترونية وحقوق المستهلك: السعودية نموذجا
المصدر: مدونة فاتورة


تُعد التجارة الإلكترونية من أهم الظواهر التي شهدها العالم في العصر الحديث، حيث تتيح للمستهلكين الحصول على مختلف المنتجات والخدمات بسهولة وسرعة وبأسعار منافسة، دون الحاجة إلى التنقل أو الانتظار. 

وقد أشرنا في أكثر من موضوع سابق إلى تقرير منظمة التجارة العالمية الذي يستعرض حجم ونمو التجارة الإلكترونية عالميا حيث بلغ 26.7 تريليون دولار في عام 2019، مسجلاً نموا بنسبة 4 % مقارنة بالعام السابق.

ومع ذلك، فإن التجارة الإلكترونية لا تخلو من التحديات والمخاطر التي تواجه المستهلك، مثل الغش والاحتيال وانتهاك الخصوصية وسوء استخدام المعلومات الشخصية والبنكية وعدم تطابق المنتجات أو الخدمات مع المواصفات أو الشروط المعلنة.

لذلك، كان لزاما على المجتمع الدولي والمحلي اتخاذ إجراءات قانونية وإدارية لضمان حماية حقوق المستهلك في أخطار التجارة الإلكترونية، وتعزيز ثقته ورضاه.

في هذا السياق، تبرز دور المملكة العربية السعودية كإحدى الدول الرائدة في هذا المجال، حيث أصدرت عدة قوانين ولوائح تنظم التجارة الإلكترونية وتحدد حقوق وواجبات كل من المستهلك والبائع أو مزود الخدمة. كما أنشأت هيئات حكومية مختصة بالرقابة والإشراف والتحقيق والفصل في المنازعات المتعلقة بالتجارة الإلكترونية.

في هذا المقال، سنستعرض حجم ونمو التسوق والتجارة الإلكترونية في المملكة العربية السعودية خلال السنوات الخمس الماضية، وأشهر أنواع الانتهاكات والغش التي يتعرض لها المستهلك السعودي عند التسوق عبر الإنترنت، وتاريخ تطور التشريعات والآليات الحكومية لمكافحة هذه الانتهاكات وحماية المستهلك في المملكة.

كما سنستعرض أهم الوثائق والسياسات التي نصت القوانين واللوائح في المملكة العربية السعودية على ضرورة توافرها خلال المعاملات التجارية عبر الإنترنت لحماية وحفظ حقوق المستهلك


حجم ونمو التسوق والتجارة الإلكترونية في المملكة العربية السعودية خلال السنوات الخمس الماضية

تعد المملكة العربية السعودية من أكبر أسواق التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تضم أكثر من 40 مليون مستخدم للإنترنت، وأكثر من 30 مليون مستخدم للهواتف الذكية، وأكثر من 20 مليون مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي.

وفقا لتقرير من شركة ستاتيستا، بلغ حجم التجارة الإلكترونية في المملكة 9.7 مليارات دولار في عام 2020، مسجلا نموا بنسبة 32 % مقارنة بالعام السابق، ومتوقعا أن يصل إلى 14.5 مليار دولار في عام 2024. 

كما أظهر تقرير من شركة بأي فورت، أن نسبة المشترين عبر الإنترنت في المملكة ارتفعت من 29 % في عام 2016 إلى 78 % في عام 2020.

هذا النمو يعود إلى عدة عوامل، منها:

-          انتشار استخدام الإنترنت والهواتف الذكية والبطاقات الائتمانية والخدمات المصرفية الإلكترونية

-          تنوع وجودة المنتجات والخدمات المتاحة عبر الإنترنت

-          ثقة المستهلك بالشحن والدفع والضمانات المقدمة من قبل المتاجر

-          التوعية بحقوق المستهلك والقوانين المحمية لها.

كما أثرت جائحة كورونا بشكل كبير على زيادة الطلب على التسوق عبر الإنترنت، نظرا للإجراءات الاحترازية التي فرضتها الحكومة للحد من انتشار الفيروس، مثل حظر التجول وإغلاق المحال التجارية.


أشهر أنواع الانتهاكات التي يتعرض لها المستهلك أثناء التسوق عبر الإنترنت

على الرغم من فوائد التسوق عبر الإنترنت، فإنه يحمل أخطارا كبيرة لحقوق المستهلك، خصوصا في ظل ضعف آليات التحقق من هوية ومصداقية المتاجر والمزودين، وسهولة تزوير، وتغيير المعلومات، والصور، والتعليقات.

من أشهر أنواع الانتهاكات والغش التي يتعرض لها المستهلك السعودي عند التسوق عبر الإنترنت، ما يلي:

  • الغش في الجودة أو الكمية أو المواصفات: وهو توريد منتجات أو خدمات غير مطابقة للمعلن عنها، أو للمواصفات القياسية المعتمدة، أو للاتفاقية المبرمة بين الطرفين. مثل توريد سلع مستعملة بدلا من جديدة، أو سلع مزورة بدلا من أصلية، أو سلع فاسدة، أو منتهية الصلاحية، أو سلع ذات جودة أقل من المطلوبة، أو خدمات غير مؤهلة أو غير مكتملة.

  • الخداع في الأسعار أو الخصومات: وهو إظهار أسعار زائفة، أو مضللة للمنتجات، أو الخدمات، أو تطبيق رسوم إضافية غير مبررة، أو تضخيم قيمة الخصومات، أو التخفيضات بشكل كاذب، أو عدم احتساب قيمة الضرائب أو التأمينات في السعر الإجمالي.

  • انتهاك الخصوصية وسرية المعلومات: وهو استخدام المعلومات الشخصية أو البنكية للمستهلك بشكل غير قانوني، أو بغير موافقته، أو بغير ما هو محدد في سياسة الخصوصية. مثل بيع المعلومات لجهات ثالثة، أو استخدامها لأغراض تسويقية، أو تعريضها للاختراق، أو السرقة.

  • الرسائل المزعجة: وهو إرسال رسائل ترويجية غير مرغوب فيها، أو إجبارية، أو كثيرة، إلى المستهلك عبر البريد الإلكتروني، أو رسائل الجوال، أو وسائل التواصل الاجتماعي، دون محاسبة حق المستهلك في رفض استقبالها، أو إزالة اشتراكه منها.

إقرأ أيضا:

-4 انتهاكات تكبِّد المتاجر الإلكترونية خسائر ضخمة: تعرَّف عليها

-المحتوى القانوني: كيف يبني ثقة العملاء ويحد من الشكاوى والنزاع؟


التشريعات والآليات الحكومية لحماية المستهلك في المملكة العربية السعودية

تولي المملكة العربية السعودية اهتماما كبيرا بحماية حقوق المستهلك في التجارة الإلكترونية، وتطوير التشريعات والآليات الحكومية لمكافحة الانتهاكات والغش في هذا المجال. وفي هذا الجزء، سنستعرض أبرز مراحل تطور هذه التشريعات والآليات:

  • نظام مكافحة الغش التجاري: صدر بالمرسوم الملكي رقم (م/ 19) في 16/5/1408 هـ، وهو يهدف إلى حماية المستهلك من الغش والخداع في المنتجات والخدمات، وينظم علاقة المستهلك مع التاجر أو مزود الخدمة، ويحدد الالتزامات والعقوبات لكل منهما. كما ينظم عمل مأموري الضبط القضائي في التفتيش، والضبط، والفحص، والإتلاف.

  • نظام حماية المستهلك: صدر بالمرسوم الملكي رقم (م/ 26) في 3/6/1424 هـ، وهو يهدف إلى حماية حقوق المستهلك، وتعزيز ثقته، وتوفير بيئة تجارية آمنة، وتشجيع المنافسة الشريفة، وتطوير جودة المنتجات والخدمات. كما ينظم علاقة المستهلك مع التاجر أو مزود الخدمة، ويحدد الالتزامات والعقوبات لكل منهما. كما ينظم عمل هيئة حماية المستهلك في تطبيق أحكام هذا النظام.

  • نظام التجارة الإلكترونية: صدر بالأمر الملكي رقم (521) في 7/11/1438 هـ، وهو يهدف إلى تنظيم التجارة الإلكترونية، وتحديد حقوق وواجبات كل من المستهلك والبائع أو مزود الخدمة في هذا المجال، وضبط ضوابط الإعلان التجاري الإلكتروني، وبيانات المتجر الإلكتروني، وبيانات العقد الإلكتروني، وتنظيم العلاقة بين الممارس للتجارة الإلكترونية والمتسوق الإلكتروني، واسترجاع السلع وإلغاء الطلب، وفرض عقوبات مخالفة أحكام هذا النظام. كما ينظم عمل مجلس التجارة الإلكترونية، كهيئة استشارية تضم ممثلين من القطاعين العام والخاص، لمتابعة أنشطة التجارة الإلكترونية في المملكة، وتقويمها، واقتراح التحسينات، والحلول.

أهم الوثائق والسياسات اللازمة لضمان حماية حقوق المستهلك والمتاجر الإلكترونية

لضمان حقوق المستهلك وممارس التجارة الإلكترونية، كل على سواء، لا بد من توافر سياسات واضحة ووثائق رسمية مكتملة البيانات، ضمانا لحق المستهلك وحماية له من الاستغلال أو الانتهاك، وكذلك لحفظ حق المتجر الإلكتروني أو المواقع من الانتهاكات التي قد تُمارس ضده.

وأهم هذه السياسات والوثائق:

  • سياسة الخصوصية: هي السياسة التي يضعها الممارس للتجارة الإلكترونية على موقعه أو تطبيقه، لشرح كيفية جمعه واستخدامه وحفظه ومشاركته للمعلومات الشخصية للمستخدمين. يجب أن تكون سياسة الخصوصية مطابقة لأحكام نظام حماية المعلومات الشخصية، وأن تحترم خصوصية المستخدمين، وأن تحصل على موافقتهم قبل جمع أو استخدام أو مشاركة معلوماتهم. كما يجب أن تكون سياسة الخصوصية مكتوبة بلغة واضحة وسهلة، وأن تظهر بشكل بارز على الموقع أو التطبيق.
  • الشروط والأحكام: هي الوثيقة التي تحدد شروط استخدام المستخدم للخدمات أو المنتجات. يجب أن تكون الشروط والأحكام مطابقة لأحكام نظام التعاملات الإلكترونية، وأن تحترم حقوق المستخدمين، وأن تحصل على موافقتهم قبل إبرام العقد الإلكتروني. كما يجب أن تكون الشروط والأحكام مكتوبة بلغة واضحة وسهلة، وأن تظهر بشكل بارز على الموقع أو التطبيق.
  • الفاتورة الإلكترونية: هي الفاتورة التي يصدرها الممارس للتجارة الإلكترونية، بعد إتمام عملية الشراء أو الحجز أو الاشتراك، لتثبت حق المستخدم في المنتج أو الخدمة. وهي تحتوي على بيانات محددة، مثل: اسم وعنوان ورقم تسجيل الممارس، اسم وعنوان ورقم هاتف المستخدم، تفاصيل المنتج أو الخدمة، سعر المنتج أو الخدمة، قيمة الضرائب أو التأمينات إن وجدت، طريقة الشحن أو التسليم، طريقة الدفع، تاريخ ورقم الفاتورة. كما يجب أن ترسل الفاتورة الإلكترونية إلى المستخدم عبر البريد الإلكتروني أو رسائل الجوال أو غيرها من وسائل التواصل.

اقرأ أيضا: المحتوى القانوني: كيف يبني ثقة العملاء ويحد من الشكاوى والنزاع؟


خاتمة

في خاتمة هذا المقال، نستطيع أن نقول إن التجارة الإلكترونية هي نشاط مهم وحديث في عصر التكنولوجيا والاتصالات، وأنه يحتاج إلى تنظيم وضبط من قبل السلطات المختصة، لضمان حقوق وواجبات كل من المستهلك والبائع أو مزود الخدمة.

كما نستطيع أن نقول إن المستهلك في التجارة الإلكترونية هو طرف ضعيف نسبيًا، لأنه يتعامل مع جهات غير معروفة أو مشبوهة في بعض الأحيان، وأنه يتعرض لأشكال مختلفة من الانتهاكات والغش في هذا المجال.

لذلك، يجب على المستهلك أن يكون حذرًا وواعيًا بحقوقه ووسائل حمايته، وأن يطالب بها عند الحاجة. كما يجب عليه أن يتبع بعض الإرشادات والنصائح للتسوق الآمن عبر الإنترنت، مثل: التأكد من مصداقية وشهرة المتجر أو المزود، والاطلاع على سياسة الخصوصية والشروط والأحكام، والتحقق من تفاصيل الفاتورة وطريقة الدفع والشحن والتسليم، والاحتفاظ بسجلات العمليات والمراسلات. 


المصادر

 

أحدث أقدم